عرفت مدينة بيت جالا منذ آلاف السنين على تلة بالقرب من مدينة بيت لحم ،و يعتبر مواطنها المسيحي من الأقدم في العالم. يعود إسم بيت جالا إلى اللغة الآرامية والتي تعني " بساط العشب". والإثباتات الأنثروبولوجية تظهر بأن الإنسان كان قد عاش في منطقة بيت لحم منذ قبل التاريخ و حتى منذ العصر الحجري أي قبل 200,000 عام. فالقليل هو معروف حول السكان الأوليين الدائمين للمدينة ولكن يبدو أن الكنعانيين هم من استقروا فيها كما هو الحال في بيت لحم حوالي 3000 قبل الميلاد. ومن المعتقد بأن بيت جالا كانت إحدى المواقع المحتملة للمدينة المقدسة جيلو كما هو مذكور في إصحاح يشوع 15:51 وصموئيل 15:12
تعود أقدم بقايا المجتمع الحقيقي إلى الفترة المسيحية القديمة في القرن الثالث والرابع بعد الميلاد عندما كان الرهبان مثل القديس نقولاوس يتوافدون على المنطقة حتى يكونوا قريبين من مولد السيد المسيح. وكانت تعتبر التلة الكبيرة التي تقع عليها بيت جالا مكانا جيدا لبناء دير يكون قريبا من موقع الميلاد وخارج مدينة بيت لحم في نفس الوقت. وقد تم بناء دير مار نقولا بمساعدة عدد من المحليين الذين كانوا يقطنون بيت جالا والذي يمكن رؤية بقايا منه تحت كنيسة مار نقولا وكذلك الكهف الذي كان يعتقد بأن مار نقولا كان يسكن فيه. و منذ ذلك الحين ومع بناء هذا الدير أخذت المدينة تنمو بسرعة وأصبحت مأهولة من السكان المسيحيين.
لقد تم هدم الدير وإعادة بنائه عدة مرات بسبب تغير الحكم الذي شهدته المدينة حيث شهد سكان مدينة بيت جالا عدة فترات من النزاع والصراع المدني. وفي العام 529 بعد الميلاد تم الاستيلاء على مدينتي بيت جالا وبيت لحم خلال ثورة السامريين بقيادة جوليانوس بن صابر. وفي عام 637 قام الخليفة عمر بفتح كامل المنطقة بما فيها القدس وحماية المجتمعات المسيحية واليهودية. في عام 1099 جاء الصليبيين وقاموا باستبدال رجال الدين الأرثوذكس بالكاثوليك ولكن تم طردهم من قبل صلاح الدين في العام 1187.
وقد حكم العثمانيين فلسطين في عام 1516 واستمر حكمهم للمنطقة لمدة أربعة قرون. وقد عاش الفلسطينيين حياة آمنة وسعيدة في ذروة قوة الحكم العثماني في القرنين السادس والسابع عشر. ولكن مع بدء انهيار وركود الإمبراطور أصبحت الحياة صعبة، حيث قام الإمبراطور بفرض ضرائب باهظة على السكان بالإضافة فرض سياسة التجنيد الإلزامي من أجل تزويد الجنود للجيش. وفي العام 1831 قام محمد علي باحتلال المنطقة وظل يحكمها حتى عام 1840 عندما استعاد الأتراك الحكم بمساعدة بريطانية ونمساوية. ونتيجة لكل هذا الثورات، وفي القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين قام عدد كبير من الفلسطينيين وبالأخص سكان مدينة بيت جالا وبيت لحم وبيت ساحور وبيت صفافا بالرحيل إلى أمريكا الجنوبية. و تعتبر التشيلي والأرجنتين، حتى وقتنا هذا، موطنا لـ 400,000 فلسطيني يعيشون في الشتات ومعظمهم من منطقة بيت لحم.
قد سمح العثمانيين بدخول الكنائس والمؤسسات الأوروبية إلى فلسطين مقابل مساعدتهم في هزيمة محمد علي. وقد بدأ رجال الدين الأنجليكان البريطانيين و البروسيين اللوثريين والفرنسيين الكاثوليك و الروس الأرثوذكس بإقامة الكنائس والمدارس والمستشفيات في الأراضي المقدسة. وقد لاقى تراث بيت لحم المقدس اهتماما خاصا من قبل المبشرين والذين قاموا بتأسيس أول المدارس والكنائس الحديثة في المنطقة.وقد شهدت بيت جالا ما بين العام 1848 و 1900 بناء كنيستين للروم الأرثوذكس ( كنيسة القديس نقولاوس وكنيسة السيدة العذراء)، وكذلك بناء كنيستين للكاثوليك ( كنيسة البشارة للاتين ) وأخرى للوثرية ( كنيسة الإصلاح). كما وتم بناء السمينير الفلسطيني الأول والأكثر حداثة في ذلك الحين ( بطريركية اللاتين) و دير كريمزان. وقد كان لهذا كله الدور الأكبر في وصول مدينة بيت جالا إلى أكثر المؤسسات التعليمية المتقدمة في الدولة والذي ساهم في جعل مدينة بيت جالا كإحدى أولى المدن الفلسطينية في إنشاء بلدية عام 1912.
وبعد انهيار الإمبراطورية العثمانية عام 1917 قام البريطانيين باحتلال فلسطين كانتداب لغاية 1948. وقد مرت فلسطين تحت الانتداب البريطاني بمراحل هامة نحو التطور وبذل الجهود في مجال الصحة العامة والتخلص من سوء التغذية بالإضافة إلى بناء أنظمة التلغراف والسكك الحديدية. ومع ذلك فقد كان البريطانيين يمنعون القادة العرب المحليين من المشاركة في الحكومة وقد أنكروا حكومة مندوب السكان. وفي غضون ذلك استمر عدد كبير من الصهاينة المهاجرين بالاستقرار على الساحل و ازدياد تأثيرهم الواضح على الإدارة البريطانية. وقد ارتفع عدد السكان اليهود في فلسطين في الحروب العالمية من 1/6 إلى 1/3 الكثافة السكانية الكلية. وقد بدأ ظهور التوتر فيما بين اليهود والعرب مع ازدياد نمو الدولة الإسرائيلية على أراضي أغلبها عربية.وقد عم الشغب في فلسطين وفقد البريطانيين سيطرتهم على معظم أجزاء الدولة ما بين العام 1936-1939 وخلال الثورة العربية الكبرى.وفي العام 1947 سلم البريطانيين القضية إلى الأمم المتحدة والتي عزمت على تجزئة فلسطين إلى دولتين. وقبل انتهاء الانتداب البريطاني بيوم واحد وهو الخامس عشر من شهر مايو لعام 1948 قامت إسرائيل بإعلان استقلالها وفورا تم غزو كل من لبنان وسوريا والعراق والأردن ومصر ومن هنا ابتدأت النكبة الفلسطينية.
ومع انتصار إسرائيل في حرب عام 1948 أصبحت مدينة بيت جالا وبيت لحم تحت الإحتلال الأردني العسكري. وتبدلت ديمواغرافية بيت جالا بشكل سيء نتيجة للنكبة و نتيجة لحرب الأيام الستة عام 1967 ، اكتظت المدينة باللاجئين الفارين من القوات الإسرائيلية.
وبعد حرب عام 1967 قامت اسرائيل باحتلال الضفة الغربية وقامت بمصادرة 3,147 دونم أو 22% من أراضي بيت جالا من أجل تشكيل حدود القدس الجديدة. وفي عام 1971 تم مصادرة 3,527 دونم آخرين أو ما يقارب 24% من أجل بناء مستوطنتي جيلو وهارجيلو. وقد ساهم هذا في اندلاع الانتفاضة الأولى عام 1987.
فموقع مدينة بيت جالا الجذاب وارتفاعها جعلها موقعا استراتيجيا للمحاربين خلال الانتفاضة الثانية من أجل إطلاق النار على المستوطنات المجاورة. وقد قام المحاربون باللجوء إلى كنيسة المهد أثناء عملية الحصار الإسرائيلي والتي دامت لمدة خمس أسابيع.
فمدينة بيت جالا الآن هي مأوى لـ 17790 مواطن غالبيتهم من المسيحيين و البقية هي من المسلمين.